الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله رسول رب العالمين، ورضي الله عن آله الطاهرين وأصحابه الطيبين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بماذا تنصحون الذين يصطحبون أطفالهم إلى المسجد يوم الجمعة، فيشغلون المصلين بالكلام واللعب والخطيب على المنبر؟
الطفل الذي دون السبع يبقى عند أهله حتى لا يشغل الناس، ينبغي أن يبقى عند أهله حتى لا يحصل به إيذاء للناس، أما إذا كان الطفل قد كمل السبع فأكثر فهذا يصلي مع الناس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصبيان بالصلاة، أمر الأولياء بأمرهم بالصلاة فقال: {مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر} فعلى آبائهم وعلى إخوانهم الكبار أن يخرجوا بهم إلى الصلاة وأن يوجهوهم ويؤدبوهم إذا آذوا الناس ويمنعوهم حتى يستقيموا على الطريق السوي، وحتى يصلوا مع الناس من دون أذى.
حدثونا لو تكرمتم عن العدد الذي تنعقد به صلاة الجمعة، إذ اختلف الناس في هذا الأمر، فمنهم من يقول: إن العدد يجب أن يكون اثنا عشر فما فوق؟ وجهونا جزاكم الله خيراً؟
الصواب أنه لا يشترط لها أكثر من ثلاثة، لأنه ليس هناك دليل على إثنا عشر ولا أكثر من إثنا عشر، فالجمعة تجب في الجماعة ، والجماعة أقلها ثلاثة الإمام واثنان معه، هذا هو أصح ما قيل في ذلك. أما قول من قال أنه لابد من اثني عشر أو لابد من أربعين فهذه أقوال ليس عليها دليل، بل ما ورد في ذلك إما ضعيف وإما صحيح ليس بدال على ما ادعاه المدعي. فإذا كان في البلد ثلاثة أو أربعة أو عشرة مستوطنون فإنهم يقيمون الجمعة، ويصلون الجمعة، وتجزؤهم على الصحيح، أما إذا كانوا أقل من ثلاثة يصلون ظهراً، إذا كانوا أقل من ثلاثة فإنهم يصلون ظهراً، وهكذا لو كانوا غير مستوطنين وإنما أقاموا بها لحاجة ثم يضعنون عنها بأن قاموا فيها لتعمير بيت بالتأجير، أو لحفر بئر، أو لأسباب أخرى ، وليس قصدهم السكن ، فإن هؤلاء ليس عليهم جمعة ، بل إن كان في قربهم بلد صلوا معهم، وإن كان ما في قربهم أحد صلوا ظهراً، لأنهم ليسوا مستوطنين ، بل حكمهم حكم المسافر من بعض الوجوه في عدم إقامة الجمعة وإن كانوا يصلون أربعاً لأنهم مقيمون إقامة تمنع من القصر ، لكنهم ليس عليهم جمعة لأنهم غير مستوطنين في البلد ، وإنما أقاموا فيها لحاجة ثم يضعنون.
ما هي ساعات الجمعة التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: (من أتى في الساعة الأولى فكأنه قدم بدنة) إلى آخر الحديث؟
هذا حديث صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: {من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة.. {الحديث، وهو حديث عظيم شريف صحيح، وهو يدل على شرعية التبكير إلى الجمعة، وذلك أمر معروف عند أهل العلم، ودلت عليه الأحاديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم –، أما المبدأ فقيل يبدأ من بعد صلاة الفجر، وقيل عند طلوع الشمس وهذا محتمل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – ما بين المبدأ، قال: (من راح) (من بكَّر وابتكر) فلم يبين المبدأ، والأقرب -والله أعلم- أنه من طلوع الشمس؛ لأن الصفرة تابعة لما قبلها وهي محل الجلوس في المساجد والتعبد والذكر والاستغفار وقراءة القرآن أو الذهاب إلى البيت للحاجة وقضاء الحاجة من تعاطي أول الطعام الذي يستعين به على البقاء في المسجد للجمعة إلى غير ذلك فالأقرب -والله أعلم- والأحرى أنه يكون بعد ارتفاع الشمس حتى إذا ذهب إلى المسجد يكون محل الصلاة والتعبد، هذا هو الأقرب والأظهر والله أعلم، يعني الساعة الأولى من بعد ارتفاع الشمس وحين الصلاة للمسلم في مسجده وبيته، هذا هو الأقرب والأحرى. والله أعلم. هل قسم الليل والنهار سماحة الشيخ في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في عهد الصحابة؟ ظاهر الأحاديث أن الليل اثنا عشر والنهار اثنا عشر، يجزأ اثنا عشر ساعة والنهار كذلك. إذاً التقسيم وارد فكأن الوقت الأول ما يقرب من الواحدة صباحاً؟ على حسب اختلاف الأوقات.
ما حكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة للمأمومين، ذلكم أني أرى هذه الظاهرة منتشرة بكثرة؟
أما حال الخطبة فلا يرفع الإمام ولا يرفع المأمومون، ينصتون ولا يرفعون أيديهم ولا يرفع هو في الخطبة، إلا في الاستسقاء، إذا استسقى طلب الغوث طلب المطر، يرفع يديه ويرفعون أيديهم معه، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة، لما استسقى عليه الصلاة والسلام، أما الخطبة العادية التي ليس فيها استسقاء فإن السنة أنه لا يرفعه ولا يرفعون، ولو دعا، يدعو لكن من دون رفع، وهكذا خطبة العيد ليس فيها رفع، إلا إذا استسقى، إذا طلب السقيا، طلب الغوث، طلب المطر، فإن السنة أن يرفع يديه والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم في الجمعة وفي غيرها، إذا استسقى يرفعون أيديهم حتى ولو جالس بين أصحابه لو جلس العالم بين أصحابه واستسقى ورفع يديه يرفعون أيديهم في حلقه العلم أو في أي مكان وهم محتاجون للغيث ورفع يديه وهم حلقة، قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، ورفعوا أيديهم كله طيب، لا حرج في ذلك، ولا حرج في ذلك أيضاً إذا رفع الإنسان يديه يدعو ربه يسأل ربه من فضله في بعض أوقاته في بيته، في المسجد، بعد صلاة النافلة أو في مكان إذا دعا ربه ورفع يديه، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، وفي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً}، يعني خاليتين، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن المواضع التي لم يرفع فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد وجدت في عهده لا نرفع فيها، لأن تركه حجة وفعله حجة عليه الصلاة والسلام، ففي خطبة الجمعة وخطبة العيد لم يرفع فيهما فلا نرفع، إلا إذا كان في الاستسقاء، طلب الغيث، طلب الغوث والمطر، وهكذا بعد الفرائض إذا سلم من الفريضة ما كان يرفع يديه، فلا نرفع بعد الفريضة، وهكذا في دعاء آخر الصلاة قبل أن يسلم كان يدعو، قبل أن يسلم ولم يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين كان يدعو ولا يرفع يديه، فالشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجود في عهده وقد فعله، نكون مثله لا نرفع أيدينا عليه الصلاة والسلام، تأسياً به -صلى الله عليه وسلم- في الفعل والترك
إذا دخلت المسجد في يوم الجمعة والإمام يخطب فهل أجلس أم أصلي ركعتين، وما الدليل على ذلك؟
السنة - يا أخي - أن تصلي ركعتين، السنة أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس ، ولو أن الإمام يخطب، لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال:{إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما}. يعني يخففهما، يعني تخفيفاً لا يمنع الطمأنينة، هكذا أمر - عليه الصلاة والسلام- ، أمر الداخل والإمام يخطب أنه يصلي ركعتين، لكن لا يطول فيهما حتى يفعل السنة ، ويتمكن من سماع الخطبة.
الشيخ العلامــة ابن باز رحمه الله عليه